فصل: (الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّحْلِيلِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْهِبَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ):

وَتَصِحُّ فِي مَحُوزٍ مُفَرَّغٍ عَنْ أَمْلَاكِ الْوَاهِبِ وَحُقُوقِهِ وَمُشَاعٍ لَا يُقْسَمُ وَلَا يَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ جِنْسِ الِانْتِفَاعِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ وَالْحَمَّامِ الصَّغِيرِ وَلَا تَصِحُّ فِي مُشَاعٍ يُقْسَمُ وَيَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا، هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَقْسُومًا وَمُفْرَزًا وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْهِبَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لَهُ نِصْفَ الدَّارِ شَائِعًا وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ الْكُلَّ تَجُوزُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ لِرَجُلٍ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَهَبَ النِّصْفَ الْبَاقِي وَسَلَّمَ لَا تَجُوزُ وَكِلْتَاهُمَا فَاسِدَتَانِ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا يَتِمُّ حُكْمُ الْهِبَةِ إلَّا مَقْبُوضَةً وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَجْنَبِيُّ وَالْوَلَدُ إذَا كَانَ بَالِغًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْقَبْضُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ تَمَامُ الْهِبَةِ وَثُبُوتُ حُكْمِهَا الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَالْإِذْنُ تَارَةً يَثْبُتُ نَصًّا وَصَرِيحًا وَتَارَةً يَثْبُتُ دَلَالَةً فَالصَّرِيحُ أَنْ يَقُولَ: اقْبِضْهُ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ وَيَقُولُ اذْهَبْ وَاقْبِضْهُ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ حَاضِرًا، وَقَالَ لَهُ الْوَاهِبُ: اقْبِضْهُ فَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ صَحَّ قَبْضُهُ وَمِلْكُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ بَعْدَ الْهِبَةِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالْقَبْضِ صَرِيحًا وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ إنْ قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ قَبْضُهُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ غَائِبًا فَذَهَبَ وَقَبَضَ: إنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ جَازَ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَهَبَ لِآخَرَ فَرَسًا هِبَةً فَاسِدَةً وَخَلَّى بَيْنَ الْفَرَسِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
لَوْ وَهَبَ شَيْئًا حَاضِرًا مِنْ رَجُلٍ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْتُهُ، صَارَ قَابِضًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَفِي الْبَقَّالِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ: اقْبِضْهُ، فَقَالَ: قَبَضْتُ وَالْمَوْهُوبُ حَاضِرٌ جَازَ إذَا لَمْ يَبْرَحْ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ قَبَضْتُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ قَبِلْتُ، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ: اقْبِضْهُ، فَإِنَّمَا الْقَبْضُ أَنْ يَنْقُلَهُ، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَقَلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ بِمَسْأَلَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: هَبْ لِي هَذَا الْعَبْدَ، فَقَالَ الْآخَرُ: وَهَبْتُ، تَمَّتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
قَالَ لِآخَرَ: هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهَا فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَقَبَضَ الْمَوْهُوبُ مِنْهُ كَانَتْ الْهِبَةُ جَائِزَةً وَالْآمِرُ ضَامِنٌ لِلدَّافِعِ وَيَكُونُ الْوَاهِبُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْآمِرُ دُونَ الْمَأْمُورِ حَتَّى كَانَ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لِلْآمِرِ دُونَ الْمَأْمُورِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ- عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ-: هَبْ لِي هَذَا، فَقَالَ: وَهَبْتُ، وَقَالَ الْآخَرُ: قَبِلْتُ وَسَلَّمَ إلَيْهِ جَازَتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ فَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا، فَقَالَ لَهُ: وَهَبْتُ مِنْكَ عَبْدِي فُلَانًا فَاذْهَبْ وَاقْبِضْهُ فَقَبَضَهُ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ، وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَلَوْ قَالَ: هُوَ لَكَ إنْ شِئْتَ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، فَقَالَ: شِئْتُ عَنْ الثَّانِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
إذَا وَهَبَ غُلَامَهُ مِنْ رَجُلٍ وَالْغُلَامُ بِحَضْرَتِهِمَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْوَاهِبُ اقْبِضْهُ فَذَهَبَ الْوَاهِبُ وَتَرَكَ الْغُلَامَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِقَبْضِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ غُلَامًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى وَهَبَهُ الْوَاهِبُ لِرَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ أَمَرَهُمَا بِالْقَبْضِ فَقَبَضَاهُ فَهُوَ لِلثَّانِي، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْأَوَّلَ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَهُ كَانَ بَاطِلًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي بُيُوعِ الْفَتَاوَى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى وَهَبَهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَهَنَهُ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ جَازَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، فَإِنْ أَجَازَهُ مَوْلَاهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَالَ لِآخَرَ: وَهَبْتُ لَكَ قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَاكْتَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَضْرَةِ الْوَاهِبِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ قَفِيزًا فَاكْتَلْهُ فَاكْتَالَهُ جَازَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ ثِيَابًا فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الصُّنْدُوقَ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا، وَإِنْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مَفْتُوحًا كَانَ قَبْضًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ أَمَانَةً مَلَكَهَا بِالْهِبَةِ وَالْقَبُولِ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ فِيهَا قَبْضًا، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ وَهَبَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْآجِرِ وَالْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ جَازَ وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فِي يَدِهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ فَوَهَبَ لَهُ صَحَّ وَيُثْبَتُ الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مَرْهُونًا فِي يَدِهِ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا وَيَنُوبُ قَبْضُ الرَّهْنِ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ، وَإِذَا صَحَّتْ بِالْقَبْضِ بَطَلَ الرَّهْنُ فَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَتَفْسِيرُ الْقَبْضِ الْمُسْتَأْنَفِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْعَيْنُ وَيَمْضِي وَقْتٌ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ قَبْضِهَا، كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ.
وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ نَابَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا نَابَ الْمَضْمُونُ عَنْ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَلَا يَنُوبُ غَيْرُ الْمَضْمُونِ عَنْ الْمَضْمُونِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
اسْتَوْدَعَ أَخَاهُ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ مَتَاعًا أَوْ دَارًا أَوْ دَابَّةً، ثُمَّ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ وَدِيعَتِي وَهِيَ فِي يَدِ الْمُودَعِ يَجُوزُ إذَا قَالَ: قَبِلْتُ، وَلَوْ وَهَبَ عَبْدًا لِأَخِيهِ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَمْرِهِ بِالْقَبْضِ نَصًّا صَحَّ فَشَرْطُ الْقَبُولِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَهِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ تَجُوزُ مِنْ الشَّرِيكِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ، وَلَوْ قَبَضَهَا، هَلْ تُفِيدُ الْمِلْكَ ذَكَرَ حُسَامُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْوَاقِعَاتِ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ تُفِيدُ الْمِلْكَ مِلْكًا فَاسِدًا وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ هِبَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْرًا مَعْلُومًا حَتَّى لَوْ وَهَبَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ تُوجِبُ الْمُنَازَعَةَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِذَا عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَصِيبَ الْوَاهِبِ يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُمَا وَفَاسِدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَتْ بِبَاطِلَةٍ حَتَّى تُفِيدَ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إذَا وَهَبَ مِنْ رَجُلَيْنِ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ حَتَّى فَسَدَتْ الْهِبَةُ عِنْدَهُ ثُمَّ قَبَضَهَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ مِلْكًا فَاسِدًا، قَالَ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا بِالْقَبْضِ هُوَ الْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَالشُّيُوعُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ الْهِبَةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الشُّيُوعُ مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَمَانِعٌ مِنْ جَوَازِ الْهِبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ إنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَالصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ فَوَهَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفًا أَوْ أَبْهَمَ، فَقَالَ: وَهَبْتُ مِنْكُمَا أَوْ وَهَبَ عَلَى التَّفَاضُلِ، فَقَالَ: لِهَذَا ثُلُثُهَا وَلِهَذَا ثُلُثَاهَا، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا تَجُوزُ فِي الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: تَجُوزُ فِي الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: تَجُوزُ فِي فَصْلَيْنِ وَهُمَا إذَا وَهَبَ مُبْهَمًا أَوْ نِصْفَيْنِ وَلَا تَجُوزُ عَلَى التَّفَاضُلِ وَفِي الْكَرْخِيِّ، قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا، قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَهَبْتُ لَكُمَا هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا نِصْفُهَا وَلِهَذَا نِصْفُهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ وَهَبَهَا جُمْلَةً وَفُسِّرَ بِمَا اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ مِنْ الْحُكْمِ بَعْدَ وُقُوعِ الْهِبَةِ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ نِصْفَهَا وَلِهَذَا نِصْفُهَا لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ عَنْ الْآخَرِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَوَقَعَ الْعَقْدُ مُشَاعًا، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكُمَا هَذِهِ الدَّارَ ثُلُثُهَا لِهَذَا وَثُلُثَاهَا لِهَذَا لَمْ تَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَجَازَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى فَسَادِ هَذَا الْعَقْدِ مِنْ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَأَفْسَدَهُ لِوُجُودِ الْإِشَاعَةِ فِي الْقَبْضِ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ: لَمَّا خَالَفَ بَيْنَ نَصِيبِهِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ الْعَقْدِ لِلْآخَرِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالْعَقْدِ وَلِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ كَالرَّهْنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا وَهَبَ اثْنَانِ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَالْمُفْسِدُ هُوَ الشُّيُوعُ الْمُقَارِنُ لَا الشُّيُوعُ الطَّارِئُ كَمَا إذَا وَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْبَعْضِ الشَّائِعِ أَوْ اسْتَحَقَّ الْبَعْضَ الشَّائِعَ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ مُفْسِدٌ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ.
لَوْ وَهَبَ مُشَاعًا فِيمَا يُقْسَمُ ثُمَّ أَفْرَزَهُ وَسَلَّمَهُ صَحَّ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ وَهَبَ النِّصْفَ وَسَلَّمَ الْجَمِيعَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ وَهَبَ الْجَمِيعَ وَسَلَّمَ مُتَفَرِّقًا جَازَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ: وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ وَهَبَ نِصْفَهَا الْآخَرَ لِرَجُلٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الثَّانِي لِلثَّانِي ثُمَّ سَلَّمَ الدَّارَ إلَيْهِمَا جَازَتْ الْهِبَةُ لَهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَهَبَ الدَّارَ لَهُمَا جُمْلَةً، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَهَبَ دِرْهَمًا صَحِيحًا مِنْ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَالدِّينَارُ الصَّحِيحُ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الدِّرْهَمِ الصَّحِيحِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ وَهَبَ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ مِنْ إنْسَانٍ جَازَ، كَذَا فِي الصُّغْرَى.
رَجُلٌ مَعَهُ دِرْهَمَانِ قَالَ لِرَجُلٍ وَهَبْتُ مِنْكَ دِرْهَمًا مِنْهُمَا، قَالُوا: إنْ كَانَ الدِّرْهَمَانِ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَا مُتَفَاوِتَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَنَاوَلْتَ أَحَدَهُمَا، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي تَنَاوَلْتَ وَزْنَ دِرْهَمٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ مُشَاعٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ.
رَجُلٌ أَعْطَى رَجُلًا دِرْهَمَيْنِ، وَقَالَ: نِصْفُهُمَا لَكَ وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَثْقَلَ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ يَجُوزُ وَيَكُونُ مُشَاعًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ ثُلُثَهُمَا وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ جَازَ، وَإِنْ قَالَ: أَحَدُهُمَا لَكَ هِبَةً لَمْ يَجُزْ كَانَا سَوَاءً أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي فَتَاوَى آهُو، وَقِيلَ: سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَمَّنْ، قَالَ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ (بكيراين بينج دِينَار ترا وبسوى وى انداخت) فَقَبِلَ أَنْ يَقْبِضَ (باز كرفت)، قَالَ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ ثَلَاثَةٌ قَضَاءٌ مِنْ حَقِّكَ وَثَلَاثَةٌ هِبَةٌ لَكَ وَثَلَاثَةٌ صَدَقَةٌ فَضَاعَ الْكُلُّ يَضْمَنُ ثَلَاثَةَ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَا يَضْمَنُ ثَلَاثَةَ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ الْمُشَاعِ جَائِزَةٌ إلَّا فِي رِوَايَةٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ نِصْفَ عَبْدٍ أَوْ ثُلُثَهُ وَسَلَّمَهُ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ: وَلَوْ وَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلَيْنِ نِصْفَ عَبْدَيْنِ أَوْ نِصْفَ ثَوْبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ نِصْفَ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ مُخْتَلِفَةٍ زُطِّيٍّ وَمَرْوِيٍّ وَهَرَوِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ جَازَ، وَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ الْمُخْتَلِفَةُ عَلَى هَذَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ لَمْ تَجُزْ هِبَتُهُ إلَّا مَقْسُومًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا وَهَبَ نَصِيبًا لَهُ فِي حَائِطٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ حَمَّامٍ وَسَمَّى وَسَلَّطَهُ عَلَى الْقَبْضِ فَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا لَوْ وَهَبَ بَيْتًا لَهُ لِآخَرَ مَعَ جَمِيعِ حُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ مَقْسُومًا مَفْرُوغًا فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَكِنَّ مَمَرَّ الْبَيْتِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ جَازَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
رَجُلٌ دَفَعَ ثَوْبَيْنِ إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ: أَيَّهُمَا شِئْتَ فَهُوَ لَكَ وَالْآخَرُ لِفُلَانٍ، فَإِنْ بَيَّنَ الَّذِي لَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
قَالَ عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ وَهَبَهُ مَوْلَاهُ لِرَجُلٍ لَمْ تَجُزْ هِبَتُهُ وَالدَّيْنُ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ مَوْلَاهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ تَجُزْ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ وَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُبْطِلُوا هِبَتَهُ، قَالَ: فَإِنْ ذَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْعَبْدِ وَلَمْ يُقْدِرْ عَلَيْهِ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا الْوَاهِبَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وَهَبَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ بِالْقَبْضِ نَصَّ فِي الْمُضَارَبَةِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفًا، وَقَالَ: نِصْفُهَا مُضَارَبَةٌ وَنِصْفُهَا هِبَةٌ لَكَ، فَهَلَكَتْ الْأَلْفُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْمُضَارِبُ حِصَّةَ الْهِبَةِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ.
رَجُلٌ أَعْطَى رَجُلًا نِصْفَ دَارِهِ هِبَةً لَهُ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ صَدَقَةً عَلَيْهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَقَبَضَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي النِّصْفِ الَّذِي سَمَّاهُ هِبَةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ أَوْ تَصَدَّقَ وَسَلَّمَ ثُمَّ إنَّ الْوَاهِبَ بَاعَ مَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ، ذُكِرَ فِي وَقْفِ الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَنَصَّ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَبَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَجُزْ، وَنَصَّ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَهَبَ أَحَدُهُمَا لِهَذَا الْعَبْدِ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَصِحُّ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ تَصِحُّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ مُشَاعٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ وَهَبَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ لِمُسْلِمٍ وَعَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ جَازَ الْقَبْضُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مَالَانِ مُخْتَلِفَانِ فَوَهَبَهُ أَحَدُهُمَا صَحَّ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَ الدَّارَ إلَيْهِ أَوْ سَلَّمَهَا مَعَ الْمَتَاعِ لَمْ تَصِحَّ وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُودِعَ الْمَتَاعَ أَوَّلًا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثُمَّ يُسَلِّمَ الدَّارَ إلَيْهِ فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِيهَا وَبِعَكْسِهِ لَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ دُونَ الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ صَحَّ، وَإِنْ وَهَبَ لَهُ الدَّارَ وَالْمَتَاعَ جَمِيعًا وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا صَحَّ فِيهِمَا جَمِيعًا، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَإِنْ فَرَّقَ فِي التَّسْلِيمِ، نَحْوُ أَنْ يَهَبَ أَحَدَهُمَا وَسَلَّمَ ثُمَّ وَهَبَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ: إنْ قَدَّمَ هِبَةَ الدَّارِ فَالْهِبَةُ فِي الدَّارِ لَا تَصِحُّ، وَفِي الْمَتَاعِ تَصِحُّ، وَإِنْ قَدَّمَ هِبَةَ الْمَتَاعِ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ وَهَبَ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ أَوْ الزَّرْعَ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرَ دُونَ الثَّمَرِ أَوْ الثَّمَرَ دُونَ الشَّجَرِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَّصِلٌ بِصَاحِبِهِ اتِّصَالَ جُزْءٍ بِجُزْءٍ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ هِبَةِ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَلَوْ وَهَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ كَمَا إذَا وَهَبَ الْأَرْضَ ثُمَّ الزَّرْعَ أَوْ الزَّرْعَ ثُمَّ الْأَرْضَ إنْ جَمَعَ الْأَرْضَ فِي التَّسْلِيمِ جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ فَرَّقَ فِي التَّسْلِيمِ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِيهِمَا أَيَّهُمَا قَدَّمَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
لَوْ وَهَبَ الدَّارَ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ الْمَتَاعَ وَسَلَّمَهُمَا جُمْلَةً جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا إذَا وَهَبَ الْجِرَابَ وَالْجُوَالِقَ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ الطَّعَامَ وَسَلَّمَ جُمْلَةً جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَهَبَ فَارِغًا وَسَلَّمَ مَشْغُولًا لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ اقْبِضْهَا أَوْ سَلَّمْتُ إلَيْكَ إذَا كَانَ الْوَاهِبُ فِيهِ أَوْ أَهْلُهُ أَوْ مَتَاعُهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
هِبَةُ الشَّاغِلِ تَجُوزُ وَهِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ اشْتِغَالَ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ، وَأَمَّا اشْتِغَالُ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَوْهُوبِ فَلَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ مِثَالُهُ وَهَبَ جِرَابًا فِيهِ طَعَامٌ لَا تَجُوزُ، وَلَوْ وَهَبَ طَعَامًا فِي جِرَابٍ جَازَتْ وَعَلَى هَذَا نَظَائِرُهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ وَهَبَ أَمَةً لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ وَعَلَيْهَا حُلِيٌّ وَثِيَابُهَا جَازَتْ الْهِبَةُ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ وَيَكُونُ الثَّوْبُ وَالْحُلِيُّ لِلْوَاهِبِ لَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِمَكَانِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، قَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ الَّذِي عَلَيْهَا قَدْرَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَوْ وَهَبَ الْحُلِيَّ الَّذِي عَلَى الْجَارِيَةِ وَالثَّوْبَ وَلَمْ يَهَبْ الْجَارِيَةَ لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ حَتَّى يَنْزِعَهُ وَيَدْفَعَ الثَّوْبَ وَالْحُلِيَّ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا وَهَبَ دَابَّةً وَعَلَيْهَا سَرْجٌ وَلِجَامٌ، دُونَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَالْهِبَةُ تَامَّةٌ، وَلَوْ وَهَبَ السَّرْجَ وَاللِّجَامَ دُونَ الدَّابَّةِ فَالْهِبَةُ غَيْرُ تَامَّةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَهَبَ الدَّابَّةَ وَعَلَيْهَا حِمْلٌ لَمْ تَجُزْ، وَلَوْ وَهَبَ الْحِمْلَ عَلَى الدَّابَّةِ وَسَلَّمَهُ مَعَهَا تَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْمَاءَ فِي الْقُمْقُمَةِ تَجُوزُ، وَلَوْ وَهَبَ الْقُمْقُمَةَ دُونَ الْمَاءِ لَمْ تَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَهَبَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا مَعَ الزَّوْجِ جَازَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَهَبَ لِامْرَأَتِهِ وَلَا أَنْ تَهَبَ لِزَوْجِهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ دَارًا وَهُمَا فِيهَا سَاكِنَانِ، وَكَذَلِكَ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ وَهَبَ زَرْعًا فِي أَرْضٍ أَوْ ثَمَرًا فِي شَجَرٍ أَوْ حِلْيَةً فِي سَيْفٍ أَوْ بِنَاءً فِي دَارٍ أَوْ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ وَأَمَرَهُ بِالْحَصَادِ وَالْجِزَازِ وَالنَّزْعِ وَالنَّقْضِ وَالْكَيْلِ وَفَعَلَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ بَعْدَ الْجِزَازِ وَالْحَصَادِ وَنَحْوِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالْقَبْضِ وَفَعَلَ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ بِإِجَارَةٍ فَوَهَبَ لَهُ الْبِنَاءَ جَازَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ وَهَبَ دَارًا بِمَتَاعِهَا وَسَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَاشْتِغَالُ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْوَاهِبِ، هَلْ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ؟ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ هِبَةِ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ فَإِنَّهُ، قَالَ: لَوْ أَعَارَ دَارِهِ مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ الْمُسْتَعِيرُ غَصَبَ مَتَاعًا وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ وَهَبَ الْمُعِيرُ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُعِيرَ هُوَ الَّذِي غَصَبَ الْمَتَاعَ وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ كَانَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الدَّارَ مَشْغُولَةٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ لِمَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْوَاهِبِ، وَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ تَمَامِ الْهِبَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
لَوْ أَوْدَعَهُ الْمَتَاعَ وَالدَّارَ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَتَاعُ وَلَمْ يُحَوِّلْهُ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ اسْتَحَقَّ وِسَادَةً مِنْهَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ وَهَبَ جُوَالِقًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَتَاعِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ وَهَبَ جِرَابًا بِمَا فِيهِ مِنْ الطَّعَامِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَتَاعُ وَالطَّعَامُ كَانَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً فِي الْجِرَابِ وَالْجُوَالِقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا لَوْ وَهَبَ جُوَالِقًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَتَاعِ وَخَلَّى بَيْنَ الْكُلِّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْجُوَالِقُ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيمَا كَانَ فِيهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَهَبَ دَارًا وَفِيهَا مَتَاعٌ وَسَلَّمَ الْكُلَّ فَاسْتُحِقَّ الْمَتَاعُ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، وَإِنْ هَلَكَ الْمَتَاعُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ وَقَدْ عَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوَّلًا، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ، قِيلَ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَأَمَّا عِنْدَهُمَا مَا لَمْ يُنْقَلْ لَا يَضْمَنُ، وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلٍ فَقَبَضَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَلَوْ وَهَبَ أَرْضًا بِمَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ وَسَلَّمَهَا أَوْ وَهَبَ نَخِيلًا بِمَا فِيهَا مِنْ الثَّمَرِ وَسَلَّمَهُمَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ بِدُونِ النَّخِيلِ وَالْأَرْضِ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ فِي الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَهَبَ أَرْضًا وَزَرْعًا فِيهَا اسْتَحْصَدَ وَسَلَّمَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الْآخَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ وَهَبَ سَفِينَةً فِيهَا طَعَامٌ بِطَعَامِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الطَّعَامَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ ابْنُ رُسْتُمَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا تَبْطُلُ فِي السَّفِينَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَهَبْتُ لَكَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا مَشْغُولٌ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ هَذَا الْبَيْتَ وَحِصَّتِي مِنْ هَذَا الْبَيْتِ الْآخَرِ جَازَتْ الْهِبَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
وَلَوْ وَهَبَ دَارِهِ لِامْرَأَتِهِ وَلِمَا فِي بَطْنِهَا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ وَهَبَ لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ أَوْ حَائِطٍ جَازَ كُلُّهُ لِلْحَيِّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِنْ وَهَبَهَا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ ثُمَّ وَهَبَ الْجَارِيَةَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ، وَذَكَرَ فِي عَتَاقِ الْأَصْلِ: لَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَهَبَ الْأُمَّ لَمْ تَجُزْ، قِيلَ: فِيهَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ جَمِيعًا، وَقِيلَ: جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ فِي الْإِعْتَاقِ تَجُوزُ وَفِي التَّدْبِيرِ لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ ضَلَّ لُؤْلُؤَةً فَوَهَبَهَا لِآخَرَ وَسَلَّطَهُ عَلَى طَلَبِهَا وَقَبْضِهَا مَتَى وَجَدَهَا، قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذِهِ هِبَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ عَلَى خَطَرٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا وَهَبَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِلْمُضَارِبِ وَبَعْضَهَا عَلَى النَّاسِ وَبَعْضَهَا فِي يَدِهِ جَازَتْ الْهِبَةُ فِيمَا فِي يَدِهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ قَالَ: اقْبِضْهَا، فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَلَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَالَ لِشَرِيكِهِ: وَهَبْتُ لَكَ حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ، قَالُوا: إنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا لَا تَصِحُّ لِكَوْنِهَا هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقْسَمُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ اسْتَهْلَكَ الْمَالَ صَحَّتْ الْهِبَةُ لِكَوْنِهَا إسْقَاطًا حِينَئِذٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّحْلِيلِ):

وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا أَكَلْتَ مِنْ مَالِي، فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ إلَّا إذَا قَامَتْ أَمَارَةُ النِّفَاقِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ فِي حِلٍّ، الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحِلُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
عَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ فِيمَنْ لَهُ شَجَرَةٌ، فَقَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْهَا فَهُوَ فِي حِلٍّ، لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ.
قَالَ لِآخَرَ حَلِّلْنِي مِنْ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ عَلَيَّ فَفَعَلَ وَأَبْرَأَهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَالِمًا بِهِ بَرِئَ حُكْمًا وَدِيَانَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ بَرِئَ حُكْمًا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا دَيَّانَةً فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَبْرَأُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
دَفَعَ إلَى آخَرَ شَيْئًا فَخَلَطَهُ بِمَالِهِ ثُمَّ اسْتَحَلَّ صَاحِبُهُ وَكَانَ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَمْيِيزُهُ فَجَعَلَهُ فِي حِلٍّ وَسَعَةٍ ثُمَّ وَجَدَ ذَلِكَ وَعَرَفَهُ يَرُدُّهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ مَالِي حِينَمَا أَصَبْتَ فَخُذْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ هَذَا عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ خَاصَّةً، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ شَجَرَةِ فَاكِهَةٍ أَوْ لَوْزَةٍ أَوْ حَلَبَ بَقَرَهُ أَوْ غَنَمَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَخَذَ فَاكِهَةً أَوْ إبِلًا أَوْ غَنَمًا لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ قَالَ: أَبَحْتُ لِفُلَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِي، وَالْمُبَاحُ لَهُ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَا يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فَإِنْ نَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ ذَلِكَ بِالْجَهْلِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ حَرَامًا وَلَا يَسَعُهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِذْنِ وَالْإِبَاحَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِجَمِيعِ الْمَالِ، فَقَالَ لَهُ الْمَدْيُونُ: أَبْرِئْنِي مِمَّا لَكَ عَلَيَّ، فَقَالَ فِي الدَّارَيْنِ: أَبْرَأْتُكَ، قَالَ نُصَيْرٌ: لَا يَبْرَأُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَتَوَهَّمُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: يَبْرَأُ مِنْ الْكُلِّ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْجَوَابُ فِي الْقَضَاءِ، كَمَا قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ، وَفِي حُكْمِ الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ نُصَيْرٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ لِآخَرَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا أَكَلْتَ مِنْ مَالِي أَوْ أَخَذْتَ أَوْ أَعْطَيْتَ، حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
قَالَ: جَعَلْتُكَ فِي حِلٍّ السَّاعَةَ أَوْ فِي الدُّنْيَا، بَرِئَ فِي السَّاعَاتِ كُلِّهَا وَالدَّارَيْنِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَالْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَالَ: لَا أُخَاصِمُكَ وَلَا أَطْلُبُكَ مَا لِي قِبَلَكَ، قَالَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَحَقُّهُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَمَّنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ لِعِلَّةٍ فَأَخَذَهَا إنْسَانٌ وَأَصْلَحَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ قَالَ: لِمَنْ سَيَّبَهَا، وَإِنْ قَالَ: مَنْ شَاءَ فَلْيَأْخُذْ، فَأَخَذَهَا رَجُلٌ فَهِيَ لَهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: الْجَوَابُ هَكَذَا إذَا قَالَ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَصْلًا فَالدَّابَّةُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا أَيْنَ وَجَدَهَا، وَفِي الْفَتَاوَى ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَوْ قَالَ مُطْلِقًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ، وَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي إلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ هِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا فَأَخَذَهَا إنْسَانٌ لَا تَكُونُ لَهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ طَيْرًا مَمْلُوكًا فَإِرْسَالُ الطَّيْرِ بِمَنْزِلَةِ تَسْيِيبِ الدَّابَّةِ، قَالُوا فِي الطَّيْرِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْسِلَهَا إذَا كَانَ وَحْشِيَّ الْأَصْلِ إذَا لَمْ يَقُلْ: هِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَأَصْلَحَهَا إنْسَانٌ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا وَأَرَادَ أَخْذَهَا وَأَقَرَّ، وَقَالَ: قُلْتُ حِينَ خَلَّيْتُ سَبِيلَهَا مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ أَوْ أَنْكَرَ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ اُسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ فَهِيَ لِلْآخِذِ، سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا سَمِعَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَوَغَابَ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ رَمَى ثَوْبَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهُ أَحَدٌ حَتَّى يَقُولَ حِينَ رَمَاهُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ فَلْيَأْخُذْهُ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ عَمَّنْ رَفَعَ عَيْنًا فَزَعَمَ الرَّافِعُ أَنَّ الْمُلْقِي قَالَ: مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ حَلَّفَ الْمُدَّعِي فَأَبَى فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْقِي غَيْرَ حَاضِرٍ لَكِنْ أُخْبِرَ بِمَا قَالَ الْمُلْقِي وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالْخَبَرِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَفِي الْعُيُونِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا أَوْ دَرَاهِمَ وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: أَنْتَ مِنْهَا فِي حِلٍّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهَا وَهِيَ عَلَى حَالِهَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
غَصَبَ عَيْنًا فَحَلَّلَهُ مَالِكُهَا مِنْ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ قِبَلَهُ، قَالَ أَئِمَّةُ بَلْخٍ: التَّحْلِيلُ يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ فِي الذِّمَّةِ لَا عَلَى عَيْنٍ قَائِمٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ مَالٌ، فَقَالَ: قَدْ حَلَّلْتُهُ لَكَ، قَالَ: هُوَ هِبَةٌ، وَإِنْ قَالَ: حَلَّلْتُكَ مِنْهُ فَهُوَ بَرَاءَةٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ قَالَ: (ترابحل كردم) وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ، وَلَوْ قَالَ (همه غَرِيمَانِ خودرابحل كردم) يَبْرَأُ غُرَمَاؤُهُ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا مَالُ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي سِرْقِينِ الدَّابَّةِ فِي الْخَانِ إذَا وَهَبَ صَاحِبُهَا فَهِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا وَلَا يَكُونُ صَاحِبُ الْخَانِ أَوْلَى بِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا وَهَبَ لِلصَّغِيرِ شَيْئًا مِنْ الْمَأْكُولِ، قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يُبَاحُ لِوَلَدَيْهِ أَنْ يَأْكُلَا مِنْهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ مَشَايِخِ بُخَارَى رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى-: لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بُخَارَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
أَهْدَى لِلصَّغِيرِ الْفَوَاكِهَ يَحِلُّ لِوَالِدَيْهِ أَكْلُهَا؛ لِأَنَّ الْإِهْدَاءَ إلَيْهِمَا، وَذِكْرُ الصَّبِيِّ لِاسْتِصْغَارِ الْهَدِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اتَّخَذَ وَلِيمَةً لِلْخِتَانِ فَأَهْدَى إلَيْهِ النَّاسُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لِلْوَلَدِ سَوَاءٌ قَالُوا هِيَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لَمْ يَقُولُوا سَلَّمُوهَا إلَى الْأَبِ أَوْ إلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اتَّخَذَ الْوَلِيمَةَ لِلْوَلَدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لِلْوَالِدَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا قَالُوا لِلْوَلَدِ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا فَهِيَ لِلْوَالِدِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلصَّبِيِّ مِثْلُ ثِيَابِ الصَّبِيِّ أَوْ شَيْءٍ يُسْتَعْمَلُ لِلصِّبْيَانِ فَهِيَ لِلصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ أَوْ الْحَيَوَانِ، فَإِنْ أَهْدَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَقْرِبَاءِ الْأَبِ أَوْ مِنْ مَعَارِفِهِ فَهِيَ لِلْوَالِدِ إذَا اتَّخَذَ الرَّجُلُ عَذِيرَةً لِلْخِتَانِ فَأَهْدَى النَّاسَ هَدَايَا وَوَضَعُوا بَيْنَ يَدَيْ الْوَلَدِ فَسَوَاءٌ قَالَ الْمُهْدِي هَذَا لِلْوَلَدِ أَوْ لَمْ يَقُلْ، فَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ تَصْلُحُ لِلْوَلَدِ، مِثْلُ ثِيَابِ الصِّبْيَانِ أَوْ شَيْءٌ يَسْتَعْمِلُهُ الصِّبْيَانُ مِثْلُ الصَّوْلَجَانِ وَالْكُرَةِ فَهُوَ لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ لِلصَّبِيِّ عَادَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لَا تَصْلُحُ لِلصَّبِيِّ عَادَةً كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ يُنْظَرُ إلَى الْمُهْدِي، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْأَبِ أَوْ مَعَارِفِهِ فَهِيَ لِلْأَبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْأُمِّ أَوْ مَعَارِفِهَا فَهِيَ لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ هُنَا مِنْ الْأُمِّ عُرْفًا وَهُنَاكَ مِنْ الْأَبِ فَكَانَ التَّعْوِيلُ عَلَى الْعُرْفِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ سَبَبٌ أَوْ وَجْهٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى غَيْرِ مَا قُلْنَا يُعْتَمَدُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا اتَّخَذَ وَلِيمَةً لِزِفَافِ ابْنَتِهِ فَأَهْدَى النَّاسُ هَدَايَا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّقْسِيمِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ الْمُهْدِي شَيْئًا وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَهْدَيْتُ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ أَوْ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلْمَرْأَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُهْدِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ وَجَاءَ بِهَدَايَا إلَى مَنْ نَزَلَ عِنْدَهُ، وَقَالَ لَهُ: اقْسِمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بَيْنَ أَوْلَادِكَ وَبَيْنَ امْرَأَتِكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي قَائِمًا يُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا فَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً فَهُوَ لِامْرَأَتِهِ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنْ الْإِنَاثِ فَهُوَ لَهُنَّ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنْ الذُّكُورِ فَهُوَ لَهُمْ وَمَا يَصْلُحُ لَهُ فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا يُنْظَرُ إلَى الْمُهْدِي إنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الرَّجُلِ أَوْ مَعَارِفِهِ فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ أَوْ مَعَارِفِهَا فَلَهَا فَإِذَنْ التَّعْوِيلُ عَلَى الْعَادَةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ بَعَثَ إلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي إنَاءٍ أَوْ ظَرْفٍ، هَلْ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ إنْ كَانَ ثَرِيدًا أَوْ نَحْوَهُ، يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَهُ فِي إنَاءٍ آخَرَ ذَهَبَتْ لَذَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ الْفَوَاكِهِ أَوْ نَحْوِهَا إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ يُبَاحُ لَهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا، وَيُقَالُ إذَا بَعَثَ إلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي ظَرْفٍ أَوْ إنَاءٍ وَمِنْ الْعَادَةِ رَدُّ الظَّرْفِ وَالْإِنَاءِ لَمْ يَمْلِكْ الظَّرْفَ وَالْإِنَاءَ وَذَلِكَ كَالْقِصَاعِ وَالْجِرَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَادَةِ أَنْ لَا يُرَدَّ الظَّرْفُ كَقَوَاصِرِ التَّمْرِ فَالظَّرْفُ هَدِيَّةٌ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ الظَّرْفُ هَدِيَّةً كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُهْدَى إلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي غَيْرِ الْهَدِيَّةِ، وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْهَدِيَّةَ فِيهِ إذَا لَمْ تَقْتَضِ الْعَادَةُ تَفْرِيغَهُ، فَإِنْ اقْتَضَتْ تَفْرِيغَهُ وَتَحْوِيلَهُ عَنْهُ لَزِمَهُ تَفْرِيغُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
سُئِلَ ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنْ قَوْمٍ جَالِسِينَ عَلَى خِوَانٍ وَتَنَاوَلُوا شَيْئًا مِمَّنْ عَلَى خِوَانٍ آخَرَ وَمَنْ هُوَ لَيْسَ بِجَالِسٍ مَعَهُمْ يَخْدُمُهُمْ، قَالَ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَوْ نَاوَلَ مَنْ مَعَهُ عَلَى خِوَانِهِ لَا بَأْسَ، قَالَ الْفَقِيهُ هَذَا قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي تِلْكَ الضِّيَافَةِ إذَا أَعْطَاهُ جَازَ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: اُدْخُلْ كَرْمِي وَخُذْ مِنْ الْعِنَبِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شِبَعَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
وَإِنْ قَالَ: خُذْ مِنْ الْبُرِّ يَأْخُذُ مَنَوَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
صَبِيٌّ أَهْدَى وَقَالَ: إنَّ أَبِي أَرْسَلَ إلَيْكَ بِهَذِهِ الْهَدِيَّةِ، يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ فَأُرَجِّحُ لَهُ لَا يَقْبَلُ حَتَّى يَقُولَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ أَوْ هُوَ لَكَ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: لَا أَسْلَمُ مِنْ تَنَاوُلِ مَالِكَ، فَقَالَ: الْآمِرُ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ تَنَاوُلِكَ مِنْ مَالِي مِنْ دِرْهَمٍ إلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَخَلَ فِي وَكَالَتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جُمْلَةً مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ وَلَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ مَالِهِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالدَّرَاهِمِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
رَجُلٌ أَهْدَى إلَى مُقْرِضِهِ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُهْدِ إلَيْهِ شَيْئًا قَبْلَ الِاسْتِقْرَاضِ كُرِهَ الْقَبُولُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
بَقَرَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَحْلِبُ لَبَنَهَا فَهَذِهِ مُهَايَأَةٌ بَاطِلَةٌ وَلَا يَحِلُّ فَضْلُ اللَّبَنِ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ جُعِلَ فِي حِلٍّ إلَّا أَنْ يَسْتَهْلِكَ صَاحِبُ الْفَضْلِ فَضْلَهُ ثُمَّ جَعَلَهُ فِي حِلٍّ فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَمْ يَجُزْ، وَالثَّانِي هِبَةُ الدَّيْنِ وَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْحَمَّادِيَّةِ.
انْتَهَبَ وِسَادَةَ كُرْسِيِّ الْعَرُوسِ وَبَاعَهَا يَحِلُّ إنْ كَانَتْ وُضِعَتْ لِلنَّهْبِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي الْفَتَاوَى قِيلَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ: إنَّ غَرِيمَكَ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا، فَقَالَ: فَهُوَ فِي حِلٍّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ كَذَا، فَقَالَ: هُوَ بَرِيءٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ، وَلَوْ قَالَ: فَهُوَ بَرِيءٌ لَا يَبْرَأُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ بَعَثَ إلَى غَيْرِهِ صُقْرَاطًا هَدِيَّةً ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ مِنْ بَقَرَةِ ابْنِ الْمُهْدِي الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ بِالْعِلَاجِ حَتَّى صَارَ اللَّبَنُ صُقْرَاطًا، وَكَذَا لَوْ عَوَّضَهُ الْمُهْدَى إلَيْهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.